يتحنن يسوع على أرملة نائين حين رآها تبكي على وحيدها في يوم جنازته (أنظر: لوقا11:7-17). ولا يقول لها فقط: "لا تبكي.."، بل يُبادر إليها ويُقيم ابنها من الموت. ويُشفق أيضاً على ابنة يائيروس (أنظر: متى18:9-26)، وبشفاعة والدها يُقيمها هي الأخرى من الموت (أنظر: متى18:9-26). وقد فعل ذلك مع مريم ومرتا اللتين بكتا لعازر أخيهما الميت (أنظر: يو1:11-44).. ألا يُدهشنا أنه في المرات الثلاث التي يُقيم فيها يسوع موتى كانت المرأة هي باعث حنانه!!؟.. كذلك يشفي ابنة الكنعانية بشفاعة أمها وإيمانها الكبير (أنظر: متى21:15-..). وتسرق نازفة الدم من يسوع الشفاء لمرض كانت النساء تخجل منه، وقد أنفقت كلَّ معيشتها على الأطباء (أنظر: متى9:20-22). يسأل يسوع في هذا الحدث: "من لمسني..؟" لا لكي يفضح أمرها، بل ليُبيِّن لها وللجموع أنه ليس طبيباً مميَّزاً وحسب، بل إنَّه المخلص، فيبني معها علاقة البنوَّة للملكوت.
المرأة رسولة.. ونبيّة.. ومبشِّرة..
لم يتبع يسوعَ حتى الصليب سوى النساء. أين الذين شفاهم ؟.. أين الذين فرحوا بكرازته وشبعوا من كلامه، وحتى من خبزه وسمكه؟.. أين التلاميذ ؟.. أين بطرس الذي وعده بالأمانة ؟.. أين لعازر الذي أقامه من الموت؟.. لم يبقَ سوى دموع النساء!..
عند فجر الأحد، وبعد السبت، وقد استراح الرب في القبر، يأتين إليه ليتابعن أناشيد التشييع، وقد تفجّرت من عيونهن ينابيع الدموع منذ حواء. هل المرأة لا تعرف إلاَّ البكاء..؟ هنا تكمن المفاجأة الكبرى.. هنا تولد حواء الجديدة لكل امرأة. فالعاطفة عندها ليست سجناً أبديَّاً. لأنَّ الرب بفصحه يَعبُر بها من محدوديّة العاطفة إلى مطلقية الحب، فتصبح مبشِّرة. المرأة رسولة القيامة، نبيّة الأمانة، مربيّة السلام. حين يلتقي يسوع مع المجدلية، بعد أن ظنته البستاني، كأنه يلتقي مع حواء، يخاطبها، وهو بستانيُّ الفردوس الجديد، ليس كآدم القديم الأسير لسجن أنوثتها، بل ليعلمها حقيقة الملكوت الجديد، فيقول لها: "لا تلمسيني.."، لقد دشنتُ لكم بموتي وقيامتي حقيقة الأبدية. التي يمكنكم عيشها منذ الآن بتجرد عن حاجة "اللمس". فتصبحون "كالملائكة.." (انظر: مرقس12: 24-26).
خاتمة
يكفي للمرأة فخراً، أنَّ يكون ابن الله قد اتخذ منهاأمَّاً ورفيقةً ورسولة، ومبشِّرة سلام. إن عالم اليوم الخشن بحاجة ماسّة إلى الرؤية الإنجيلية للمرأة. يقول لينين، وهو أبعد مَنْ يُتهم بالمثالية، إن مقياس رقي وتحضّر مجتمع ما، هو رقي وتحضُّر العلاقة بين رجاله ونساءه. فكلما فاضت المرأة بالكرامة، كانت الإنسانية مُفاضة بالمجد.
عن موقع كنيسة القديسة تيريزا